البيع ليس مجرد مهارة موجودة بالفطرة، ولكنه علم مثير للاستكشاف…
فن البيع هو القدرة على إقناع المشتري بقيمة المنتج أو الخدمة التي تقدمها.
اتقان فن البيع هو مهارة تتطلب التدريب، الممارسة، والتعلم المستمر.
الأهم من البيع نفسه هو:
- فهم السبب وراء المفاهيم الأساسية للمبيعات (لماذا)
- حتى تستطيع أن تقوم بتطبيق الطريقة (الكيفية)
في جميع المقالات التالية، سنعتمد على منهج ديفيد هاوسفيلد الذي شرحه في كتابه “علم البيع.”
لا يلزم بالضرورة قراءة الكتاب بشكل كامل، حيث سيتم استخلاص الأفكار الرئيسية والنظرة العامة في هذا المقال، ولكن قراءة الكتاب ستساعدك في تعزيز فهمك وسيوفر معلومات إضافية لك.
إذًا، ما هو علم البيع؟
كمحترفين في مجال المبيعات، فمن الطبيعي أنك ستتعامل مع الناس، وعند التعامل مع البشر عمومًا، ستتعامل مع جميع الجوانب الإنسانية والتحديات التي تأتي معها.
علم البيع يستند إلى:
– علم النفس الاجتماعي
– علم الأعصاب
– علم السلوك
وفهم تلك العلوم سيساعدك على:
- فهم البشر في قراراتهم الشرائية لمنتجات معينة
- كيف يمكن استخدام فن الإقناع لإتمام عملية البيع
وبالتالي، علم البيع يضمن لك اتباع الطريقة الصحيحة مع العملاء المحتملين حتى يصبحوا عملاء دائمين
يوجد معادلة مقترحة من قِبل ديفيد هاوسفيلد وكتابه “علم البيع،” والتي تركز على:
- قرار المشتري
- الحالة العاطفية للمشتري
- سلسلة القرارات
- عملية إرشاد المشتري
تلك المعادلة ببساطة تصف قرار المشتري كـعملية إرشاد للمشتري المحتمل عن طريق سلسلة من القرارات المعروفة باسم Six Why’s والتعامل مع الحالة العاطفية للمشتري، والمعادلة هي:
قرار المشتري = عملية إرشاد المشتري X (سلسلة القرارات) (الحالة العاطفية للمشتري)
إذًا، ما هو قرار المشتري، أو معنى (المشتري) في تلك المعادلة؟
قبل فهم ذلك، يوجد عدة أشياء يجب أن تفهمها وتدركها، ألا وهي
1- التمهيد للإقناع: يجب أن تفهم كيفية الإقناع، وهو أهم شئ يجب أن تتعلمه كبائع محترف
2- دوافع المشتري: يجب معرفتها وفهمها
3– رحلة البائع: إدراك موضع البائع تحديدًا في عملية إتخاذ القرار
4- التأثير العاطفي: فهم تأثير المشاعر على قرار المشتري
قام الباحثون بدراسة العوامل التي تؤثر علينا كبشر، والتي تساعدنا في الموافقة على طلبات الأخرين لأكثر مـن 60 عـامًا
بـلا شك يوجد علم يوضح الطريقة التي يتم إقناعنا بها، وهذا العلم مفاجئ في طريقة اتخاذ القرارات، وهو ما يُسمى بـ (علم الإقـناع)
من الجيد أن تعتقد أن الناس يأخذون في اعتبارهم جميع المعلومات المتاحة لهم من أجل توجيه أفكارهم، ولكن الواقع غالبًا ما يكون مختلف تمامًا.
في حياتنا المليئة بالأحداث المختلفة بشكل متزايد، نحن بحاجة إلى اختصارات أو قواعد ذهنية بسيطة تساعدنا في اتخاذ قراراتنا.
لذلك، قام الباحثون بتحديد 6 من هذه الاختصارات التي توجه سلوك الإنسان، ألا وهي:
1. المعاملة بالمثل
2. الندرة
3. السلطة
4. التوافق
5. الإعجاب
6. الإجماع
فهم تلك العوامل واستخدامها بشكل أخلاقي مناسب سيزيد بشكل واضح من فرص اقتناع الشخص بطلبك.
1- المعاملة بالمثل
ببساطة، الناس ملزمون بمبدأ المعاملة بالمثل، سواء في شكل سلوك أو هدية أو خدمة قد تلقوها.
على سبيل المثال
- إذا دعاك صديقك لحضور حفلته، فإن هناك التزامًا عليك بدعوته في المستقبل لحضور حفلة قد تقيمها.
- إذا قدم لك زميل خدمة، فإنك مدين بخدمة مماثلة له.
في سياق التزام اجتماعي، من المرجح أن يقول الناس “نعم” لأولئك الذين يدينون لهم.
أحد أفضل أمثلة على مبدأ المعاملة بالمثل، يأتي من سلسلة من الدراسات التي أُجريت في المطاعم.
في آخر مرة زرت فيها مطعمًا، هناك احتمال كبير أن النادل أو النادلة قد قدموا لك هدية، على الأرجح في نفس الوقت الذي يحضرون فيه فاتورتك، قد يكون عبارة عن خصم للمرة القادمة التي تزورهم بها، بسكويتة الحظ أو ربما حلوى النعناع البسيطة.
إذاً، ها هو السؤال:
“هل لهدية حلوى النعناع أي تأثير على كمية البقشيش الذي ستتركه للنادل أو النادلة؟”
معظم الناس سيقولون “لا”، ولكن تلك الهدية البسيطة يُمكن أن تحدث فرقًا مدهشًا.
إعطاء العملاء حلوى النعناع في نهاية وجبتهم، عادةً ما يزيد البقشيش بنسبة تقريبية تبلغ حوالي 3%.
بشكل مثير للاهتمام، إذا تم مضاعفة الهدية وتوفير قطعتين من الحلوى، فإن البقشيش لا يتضاعف، بل يصل لأربعة أضعاف، مما يؤدي إلى زيادة بنسبة 14% في البقشيش.
ولكن الأكثر إثارة للاهتمام، هو حقيقة أنه إذا قدم النادل قطعة حلوى واحدة فقط، ثم بدأ في المشي بعيدًا عن الطاولة، لكنه توقف، وعاد قائلًا:
“لأنكم أشخاص لطفاء، إليكم قطعة إضافية.”
في تلك الحالة، تزداد نسبة البقشيش لـ 23%، وليس بسبب ما تم إعطاؤه، ولكن بسبب كيف تم إعطاؤه.
لذلك، المفتاح لاستخدام مبدأ المعاملة بالمثل هو أن تكون أول من يعطي، والتأكد من أن ما تقدمه شخصي وغير متوقع.
2- الندرة
ببساطة، الناس يرغبون في المزيد من الأشياء التي يكون من النادر الحصول عليها
في عـام 2003، أعلنت شركة الخطوط الجوية البريطانية أنها لن تقوم بتشغيل رحلة الكونكورد بين لندن ونيويورك مرتين يوميًا لأسباب اقتصادية
في اليوم التالي، بالرغم أنه:
- لم يتغير شئ في رحلة الكونكورد نفسها
- بالتأكيد لم تتغير سرعة الطيران
- لم تتحسن الخدمة فجأة
- لم تنخفض تكلفة التذكرة
إلا أن المفاجأة هي أن الناس أرادوا الذهاب في تلك الرحلة بسبب شعورهم بندرة تواجدها.
لذلك، عندما يتعلق الأمر بإقناع الآخرين باستخدام هذا المبدأ:
❌ليس من الكافي أن تخبرهم عن الفوائد التي سيحصلون عليها إذا اختاروا منتجاتك وخدماتك
✅ولكن ستحتاج ايضًا للتشديد على ما يميز اقتراحك وما يمكن أن يخسروه إذا لم يأخذوا اقتراحك في اعتبارهم
3- السلطة
هذا المبدأ يشير لفكرة أن الناس يتبعون القادة، ذوي الخبرة والمصداقية.
مثلاً:
- يمكن لأخصائيي العلاج الطبيعي أن يقنعوا المزيد من مرضاهم باتباع البرامج التمرينية الموصى بها، إذا عرضوا شهاداتهم الطبية على جدران غرف استشارتهم.
- الناس مستعدة للدفع مقابل خدمة، لشخص غريب تمامًا، فقط إذا كان الشخص يرتدي زي رسمي، وليس مجرد ملابس عادية.
ما يخبرنا به العلم هو:
- من المهم أن تظهر أمام الآخرين في هيئة شخص موثوق ذو معرفة وسلطة قبل أن تقوم بمحاولة التأثير عليهم
- بالطبع ذلك يسبب مشكلة، لأنه من الصعب أن تذهب للعملاء المحتملين وتخبرهم كم أنت عبقري، ولأنك يجب أن تخطط أن تجعل شخص آخر يفعل ذلك من أجلك
- ذلك الشخص الذي يقوم بتقديمك، ليس بالضروري أن يكون مرتبط بك بأي شكل من الأشكال، ولكنه يستفيد بتقديمك.
مـثال
نجحت مجموعة من وكلاء العقارات في زيادة عدد تقييمات العقارات وعدد العقود اللاحقة التي كتبوها عن طريق مساعدة موظفي الاستقبال الذين يجيبون على استفسارات العملاء، بأن يذكروا أولًا أوراق اعتماد زملائهم وخبرتهم.
كيف ذلك؟
قيل للعملاء الراغبين في تأجير ممتلكات:
“اسمح لي أن أوصلك إلى ولاء، التي لديها أكثر من 15 عامًا من الخبرة في تأجير الممتلكات في هذه المنطقة.”
بينما قيل للعملاء الراغبين في مزيد من المعلومات حول بيع الممتلكات:
“يمكنك التحدث إلى شادي، رئيس قسم المبيعات. لديه أكثر من 20 عامًا من الخبرة في بيع الممتلكات. سأوجهك إليه.”
الآثار المترتبة على هذا التقديم الخبير أدى إلى:
- زيادة بنسبة 20% في عدد المواعيد.
- زيادة بنسبة 15% في عدد العقود الموقعة.
مـا يجب أن تعرفه أن هذا التغيير الصغير، له تأثير كبير في علم الإقناع، ولذلك هذا الجانب الأخلاقي والغير مكلف واجب للتنفيذ.
4- التوافق
يحب الناس أن يكونوا متوافقين مع الأشياء التي قالوها أو قاموا بـها مسبقًا، ويتم تطبيق هذا المبدأ عن طريق البحث عن التزامات أولية صغيرة يمكن القيام بها، والتي بالتالي تؤدي لوجود التزامات أكبر.
في إحدى مجموعات الدراسات الشهيرة، وجد الباحثون أن عددًا قليلًا جدًا من الأشخاص كانوا على استعداد لتركيب لوحة خشبية قبيحة أمام حديقتهم الأمامية لدعم (حملة القيادة الآمنة) في منطقتهم.
ومع ذلك، في حي مشابه قريب، أبدى أربعة مرات أكثر من المالكين استعدادهم لتركيب هذا اللوح القبيح.
لماذا؟
لأنه قبل 10 أيام، وافقوا على وضع بطاقة بريدية صغيرة في نافذة منزلهم الأمامية تشير إلى دعمهم لـ (حملة القيادة الآمنة)
تلك البطاقة الصغيرة كانت التزامهم الأولي الذي أدى إلى زيادة بنسبة 400% في تغيير أكبر، لأن القرار الثاني مازال متوافقًا مع التزامهم الأولي.
ايضًا، قامت دراسة حديثة بتقليل نسبة المواعيد التي يتم التخلف عنها بمراكز الصحة بنسبة 18%، ببساطة عن طريق سؤال المرضى أن يقوموا بكتابة تفاصيل طبيعة مواعيدهم في استمارة
5- الاعجاب
طبيعة الناس أنهم يميلون إلى الموافقة على طلبات الأشخاص الذين يعجبون بهم، ولكن ما الذي يجعل شخصًا يعجب بآخر؟
يخبرنا العلم أن هناك ثلاثة عوامل مهمة:
- نحن نحب الأشخاص الذين يشبهونا.
- نحن نحب الناس الذين يمدحوننا ويخبرونا بمجاملات.
- نحن نحب الأشخاص الذين يتعاونون معنا نحو تحقيق أهداف مشتركة.
مع زيادة المزيد والمزيد من التفاعلات عبر الإنترنت، قد يكون من المفيد السؤال عما إذا كان بإمكاننا استخدام هذه العوامل بفعالية في مفاوضات عبر الإنترنت.
في سلسلة من الدراسات المتعلقة بالمفاوضات التي أجريت بين طلاب الماجستير في إدارة الأعمال في اثنين من الجامعات المعروفة، قيل لبعض المجموعات:
“الوقت هو المال، مما يعني يجب أن تبدأ بالحديث عن العمل بشكل أساسي”
كانت نسبة تأييد هذا الرأي 55%
أما بالنسبة لمجموعات أخرى، قيل لهم:
“قبل أن تبدأوا في المفاوضات، تبادلوا معلومات شخصية مع بعضكم البعض، وحددوا التشابه الذي تشتركون فيه، ثم ابدأوا في المفاوضات.”
في هذه المجموعة، نجح حوالي 90% منهم في التوصل إلى نتائج ناجحة ومرضية تعود بالفائدة عادة إلى الطرفين بنسبة تصل إلى 18%.
لذلك، للاستفادة من هذا المبدأ القوي للإعجاب، تأكد من البحث عن المجالات التي تشترك فيها مع الآخرين والثناء الصادق الذي يمكن أن تقدمه قبل أن تبدأ في العمل مباشرة.
6- الإجماع
المبدأ النهائي هو مبدأ (الإجماع)، طبيعة البشر عندما يكونون غير متأكدين، سينظرون إلى أفعال وسلوك الآخرين لتحديد سلوكهم الخاص.
مثال
غالبًا ما تضع الفنادق بطاقات صغيرة في الحمامات، تحاول بها إقناع النزلاء بإعادة استخدام المناشف.
يقوم معظمهم بذلك عن طريق جذب انتباه النزلاء إلى فوائد إعادة الاستخدام من أجل حماية البيئة.
هذه استراتيجية فعّالة إلى حد ما، حيث تؤدي إلى حوالي 35% من الإجماع على هذا الرأي وتنفيذه.
ولكن هل يمكن أن يكون هناك وسيلة أكثر فعالية؟
حوالي 75% من الأشخاص الذين يسجلون الدخول إلى الفندق لمدة أربع ليال أو أكثر سيقومون بإعادة استخدام مناشفهم في أحد الأوقات خلال إقامتهم، لذلك، ماذا سيحدث إذا قمنا بتضمين تلك المعلومة على البطاقات مثل:
“75% من نزلائنا يقومون بإعادة استخدام مناشفهم في أحد الأوقات خلال إقامتهم، لذا يرجى القيام بذلك أيضًا.”
يبدو أن عندما نفعل ذلك، يزيد إعادة استخدام المناشف بنسبة 26%.
الآن تخيل في المرة القادمة التي تقيم فيها في فندق، لاحظت إحدى هذه اللافتات، قمت بالامساك بها وقرأت الرسالة التالية:
“75% من الأشخاص الذين أقاموا في هذه الغرفة قاموا بإعادة استخدام مناشفهم.”
ماذا ستعــــتقد؟
حسنًا، إليك ما قد تفكر فيه:
“آمل ألا تكون نفس المناشف.”
ومثل معظم الأشخاص، من الممكن أن تعتقد أن هذا اللافتة لن تؤثر على سلوكك على الإطلاق.
ولكن تغيير بضع كلمات فقط على اللافتة لتشير بصدق إلى ما فعله النزلاء السابقين المشابهين، كان أكثر الوسائل فعالية، مما أدى إلى زيادة بنسبة 33% في إعادة الاستخدام.
لذلك، يخبرنا العلم أنه بدلاً من الاعتماد على قدرتنا الخاصة على إقناع الآخرين، يمكننا أن نشير إلى ما فعله الكثيرون بالفعل، خاصة الكثيرون من الأشخاص المشابهين لهم.
إذًا، بعد شرح الـ 6 عوامل، يجب أن تعرف جيدًا أنهم:
- عمليين وغير مكلفين
- من أسرار علم الإقناع
- يعتبروا من مبادئ الإقناع المثبتة علميا
أخبرنا، بالنسبة لك، أي عوامل من العوامل هو الأكثر صعوبة وأيهما الأكثر سهولة؟